الأحد 13 أبريل 2025 03:31 مـ 14 شوال 1446 هـ
بوابة بالعربي
رئيس التحرير محمد رجب سلامة
×

موضوع خطبة الجمعة اليوم.. رشق القطارات بالحجارة

الجمعة 11 أبريل 2025 09:19 صـ 12 شوال 1446 هـ
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة

في خُطبة جمعةٍ جمعت بين البلاغة والروحانية، حملت عنوانًا لافتًا: "كلمة (أنا) نورٌ ونارٌ"، سلّط الخطيب الضوء على دلالات الكلمة التي تبدو للوهلة الأولى بسيطة، لكنها تخفي وراءها معاني عظيمة تتفاوت بين الخير المطلق والشر المستطير، وفقًا للسياق والنوايا التي تقف خلفها.

"أنا" بين النور والغرور
افتتح الخطيب حديثه بتوضيح أن كلمة "أنا" قد ترتبط في أذهان البعض بالكِبر والأنانية والعُجب، مستشهدًا بكلمة إبليس حين قال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ}، لتكون "أنا" في هذا السياق نارًا تحرق صاحبها وتبعده عن جادة الصواب.

لكن، ومن باب الإنصاف والبيان، أشار إلى أن "أنا" ليست دائمًا مذمومة، بل قد تكون مشعّة بالنور، إذا اقترنت بالنخوة والمروءة، والغيرة على الخير، والعطاء للناس، ومساعدة المحتاجين، والدفاع عن الضعفاء. إنها "أنا" التي تفيض بالشهامة وتزدان بالأمان.

"أنا" المحمدية: قمة النور
وأبرز الخطيب ملامح "أنا" النبوية النورانية، مستشهدًا بموقف النبي ﷺ في غزوة حُنين حين ثبت رغم الهزيمة المؤقتة وقال بشجاعة ويقين: "أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب"، وكذا عندما سبق الناس إلى موضع الخطر لطمأنتهم بقوله: "لا تُراعوا". إنها "أنا" التي تحمي وتحنو، وتبني وتُضحّي.

كما أُشير إلى كلمة سيدنا يوسف عليه السلام حين طمأن أخاه بقوله: "إني أنا أخوك فلا تبتئس"، لتكون "أنا" هنا حضنًا من الأمان وسندًا من الرحمة.

"أنا" الجهنمية: طريق الاستعلاء والدمار
في مقابل هذا النموذج النوراني، حذّر الخطيب من "أنا" التي تسكنها الأنانية ويغلفها الغرور، فتُصبح نارًا تأكل صاحبها، تزرع الفُرقة وتُفشي الظلم والتعدي على حقوق الآخرين. وبيّن أن هذا النوع من "أنا" يرتكز على التفاخر والاستعلاء، وينطلق من نظرة دونية إلى الآخرين، وشعارها "نفسي نفسي". وهو ما حذّر منه النبي ﷺ في الحديث القدسي: "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني فيهما قذفته في النار".

ظاهرة مقلقة: الاعتداء على القطارات
وفي ختام الخطبة، انتقل الخطيب إلى قضية تمسّ المجتمع مباشرة، وهي ظاهرة رشق القطارات بالحجارة، معبّرًا عن الألم الذي انتاب الجميع إثر إصابة طفلة من ذوي الهمم بسبب هذا الفعل الإجرامي. وتساءل مستنكرًا: كيف يمكن لمجتمع مسلم أن يُمارس أفراده عدوانًا على وسائل تنقل الناس، وتخدم مصالحهم، وتضمن سلامتهم؟!

وأكد الخطيب أن مثل هذه الأفعال تتنافى مع تعاليم الإسلام الذي شدّد على حرمة النفس والمال والعرض، كما ورد في خطبة الوداع للنبي ﷺ: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام".

كما ذكّر بقول النبي ﷺ: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده"، داعيًا إلى الحفاظ على الممتلكات العامة التي هي أمانة وحق مشترك، ومشيرًا إلى أن هذه الجرائم تمثل انتهاكًا لحقوق الدولة والأفراد، واستهتارًا بحياة الناس.

دعوة إلى الوعي والتسامح
اختتم الخطيب بدعوة عامة إلى ترسيخ الوعي الاجتماعي، والتحلي بالرحمة، والاعتراف بحقوق الآخرين في الأمان والحياة، مؤكدًا أن حفظ النفس وحماية الأرواح هي من صلب ديننا، وأن من صان وسيلة النقل العامة فقد صان نفوسًا وساهم في عمران المجتمع لا هدمه.