• الرئيسية
• اقتصاد بالعربي

أكدت مجلة فوربس أفريكا في تقرير موسع أن الاقتصاد المصري يشهد نموًا متسارعًا يفوق التوقعات، مشيرة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي مرشح لتحقيق نمو بنسبة 4.7% خلال الفترة من 2025 إلى 2026، متجاوزًا توقعات صندوق النقد الدولي البالغة 4.1%. وأرجعت المجلة هذا الأداء الإيجابي إلى الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي تبنتها القاهرة، ما ساهم في جذب استثمارات واسعة في قطاعات الصناعة والبنية التحتية.

ورصد التقرير أن مصر، بسكانها الذين يبلغ عددهم 115 مليون نسمة، 60% منهم تحت سن الثلاثين، تواصل ترسيخ مكانتها كلاعب مركزي في تنمية القارة الأفريقية، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي، وقوتها العاملة الماهرة، ومواردها المتنوعة، مع استهداف زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 15% خلال العام المالي 2024-2025.

رؤية 2030.. البوصلة الاستراتيجية للنمو

سلط التقرير الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه "رؤية مصر 2030" في دفع النمو الاقتصادي، إذ ترتبط جميع الإصلاحات والمشاريع الحكومية الكبرى بهذه الرؤية، ما يضمن تماسك السياسات الإنفاقية وجاذبيتها للاستثمارات. وتابع التقرير أن مصر باتت مركزًا ناشئًا للتجارة والابتكار عالميًا، عبر مشاريع بنية تحتية هائلة واستثمارات مستدامة.

وأشار التقرير إلى أن قطاع الإنشاءات، الذي ينمو بنسبة 7.4% سنويًا، يُعد من أبرز محركات هذا التحول، خاصة مع تنفيذ مشروعات ضخمة مثل مدينة العلمين الجديدة، مشروع القطار فائق السرعة، البنية التحتية للموانئ البحرية، والعاصمة الإدارية الجديدة التي تضم مؤسسات الدولة، فضلًا عن برج القاهرة الأيقوني بارتفاع يقارب 400 متر.

ونقل التقرير عن حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، قوله إن مصر استثمرت نحو 550 مليار دولار في البنية التحتية خلال العقد الأخير، مما أوجد أكثر من 7000 كيلومتر من الطرق، ووسائل نقل عام حديثة، ومشاريع عمرانية متكاملة.

كما أشار إلى تصريح لشركة "حسن علام القابضة" أكدت فيه أن الحكومة المصرية تدفع القطاع الخاص إلى الأمام بصدق، وتساعده على تحقيق نتائج ملموسة، ما يعزز النمو ويشجع على الاستثمار.

قطاع العقارات والطاقة.. نماذج للانتعاش

أبرز التقرير ازدهار قطاع العقارات، متوقعًا أن يصل حجمه إلى 30 مليار دولار بحلول 2028، بفضل الطلب المتزايد الناجم عن النمو السكاني والتوسع الحضري، وتزايد الرغبة في مشاريع تركز على نمط الحياة الفاخر. ونقل عن عمر هشام طلعت، الرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال بمجموعة TMG القابضة، أن سوق العقارات يشهد انتعاشًا حقيقيًا، خصوصًا حول القاهرة الكبرى، مع تصاعد الاهتمام بالساحل الشمالي ومنطقة البحر الأحمر.

وفي قطاع الطاقة، أكدت المجلة أن مصر تمتلك سادس أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، وهي مكتفية ذاتيًا من الطاقة التقليدية، وتتمتع ببنية تحتية متطورة لتكرير النفط بقدرة 38 مليون طن سنويًا. وصرّح وزير البترول كريم بدوي بأن مصر تضم أكثر من 57 شريكًا عالميًا في الاستكشاف والإنتاج.

كما تستعد البلاد لتوسيع طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة إلى 45 ألف ميجاوات، مع استهداف توليد 42% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030. ولفت التقرير إلى مشروع "بنبان للطاقة الشمسية" – الأكبر في أفريقيا – كمثال حي على الطموحات المصرية في التحول الطاقي، إلى جانب مشاريع ريادية لطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

الصناعة والسياحة.. قطاعات تنمو بثقة

وتطرّق التقرير إلى القطاع الصناعي الذي يشهد توسعًا سريعًا، مع خطة طموحة لمضاعفة الصادرات خلال خمس سنوات، حيث تغزو الصناعات المصرية – مثل المنسوجات والكيماويات والآلات والمنتجات الغذائية – أسواق أوروبا، أفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

أما السياحة، فقد سجلت رقمًا قياسيًا جديدًا في 2024 باستقطاب 15.7 مليون سائح، وسط انتعاش كبير للوجهات السياحية في البحر الأحمر وشرم الشيخ وسهل حشيش والغردقة. وصرّح جاك بيتر، الرئيس التنفيذي لمجموعة سافوي شرم الشيخ، بأن زيادة الرحلات من أوروبا وآسيا تعكس الطلب القوي على المقاصد السياحية المصرية.

واختتم التقرير بنقل تصريحات طارق توفيق، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في مصر، الذي أكد أن مصر تتمتع بقاعدة اقتصادية متنوعة تشمل الزراعة، الصناعة، الطاقة، السياحة والخدمات اللوجستية، ما يمنحها مرونة ومتانة في مواجهة التحديات.

ختامًا، رسم تقرير فوربس أفريكا صورة لمصر كدولة تمزج بين تاريخها العريق ونهضتها الحديثة، وتتحرك بخطى ثابتة نحو الريادة الإقليمية والعالمية عبر سياسات مدروسة ومشاريع استراتيجية تواكب طموحات شعبها واقتصادها