تحذيرات دولية من تداعيات المخاطر الجيوسياسية على الأسواق المالية

في ظل تزايد التوترات العالمية والتقلبات الجيوسياسية، حذر صندوق النقد الدولي من أن تلك الأحداث قد تُشكل تهديدًا جديًا لاستقرار الأسواق المالية حول العالم، داعيًا المؤسسات المالية إلى تعزيز جاهزيتها في مواجهة تداعيات محتملة.
وأوضح الصندوق، في تقرير تمهيدي صدر يوم الاثنين، أن التصعيد في التوترات التجارية والصراعات الدولية قد يؤدي إلى "تصحيحات كبيرة" في أسعار الأسهم، وهو ما ينذر بحدوث موجات تقلب قد تُضعف الاستقرار المالي العالمي.
وشدد على ضرورة امتلاك المؤسسات المالية لرؤوس أموال كافية ومستويات مناسبة من السيولة، لضمان قدرتها على امتصاص الصدمات المحتملة الناتجة عن هذه المخاطر.
ورغم عدم الإشارة إلى أحداث بعينها، مثل الرسوم الجمركية الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن التقرير لفت إلى الزيادة الملحوظة في المؤشرات المرتبطة بالأخبار السلبية منذ عام 2022، بما في ذلك الحروب، الهجمات الإرهابية، ارتفاع الإنفاق العسكري، وفرض القيود التجارية.
ومن المنتظر أن يُصدر الصندوق تقريره الكامل حول الاستقرار المالي العالمي خلال اجتماعاته الربيعية المشتركة مع البنك الدولي في أسبوع 21 أبريل الجاري، حيث يُتوقع أن تحظى قرارات الإدارة الأمريكية المتعلقة بالتجارة والرسوم الجمركية باهتمام خاص.
ودعا الصندوق المؤسسات المالية لاستخدام أدوات تحليلية مثل اختبارات الضغط (stress tests) لتقييم مدى تأثرها بمثل هذه المخاطر وإعداد استراتيجيات فعالة لإدارتها.
وأشار التقرير إلى أن الأبحاث التي أجراها الصندوق تُظهر أن الأحداث الجيوسياسية الكبرى، مثل الحروب والتوترات الدبلوماسية، عادة ما تتسبب في انخفاض شهري بأسعار الأسهم بنحو نقطة مئوية واحدة على مستوى العالم، في حين تتفاقم هذه التأثيرات في الأسواق الناشئة لتصل إلى متوسط انخفاض بنحو 2.5 نقطة مئوية شهريًا.
وكانت الحروب، وعلى رأسها النزاع الروسي الأوكراني عام 2022، من بين أكثر العوامل ضغطًا على الأسواق، حيث سجلت تأثيرات سلبية وصلت إلى تراجع بنسبة 5% شهريًا في عوائد الأسهم – وهو ضعف تأثير أي حدث جيوسياسي آخر.
يُذكر أن الأسبوع الماضي شهد تقلبات غير مسبوقة في "وول ستريت"، تُعد الأشد منذ جائحة كورونا، حيث انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بأكثر من 10% منذ تولي ترامب مهامه في يناير، بينما صعدت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية نتيجة بحث المستثمرين عن ملاذ آمن.
كما أظهر استطلاع رأي أُجري مؤخرًا أن توقعات المستهلكين بشأن التضخم في الولايات المتحدة ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1981، وسط تحذيرات من المؤسسات المالية بشأن تزايد احتمالات دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود.
وختامًا، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن حالة عدم اليقين المتصاعدة تُعزز من مخاطر الذيل – وهي الخسائر غير المتوقعة الحادة – ما قد يؤدي إلى انهيارات مفاجئة في أسواق الأسهم العالمية. كما تسهم هذه التوترات في رفع تكلفة المخاطر السيادية، وقد تمتد آثارها إلى اقتصادات أخرى من خلال شبكات التجارة والتمويل الدولية.